وديع كرم مسودة ابن الخليل ليس آخر الأطفال الشجعان تحت الاحتلال قبض عليه أمام العالم ليخاف لأنه أخاف إسرائيل وهو يحمل الحجر .
طفل عمره خمس سنين وتسعة أشهر فقط , حمل الحجر بثقة وعن قناعة ليرجم به المستوطنين أعداء أجداده وأبيه وأهله رغم صغر سنه.
طفل كان يسمع ما يجري تحت الاحتلال وهو لا يزال في رحم أمه قبل أن يرى النور، ويبدو أنه استعد للدفاع عن نفسه وحقوقه كإنسان عندما أبصرت عيناه، كما توحي بذلك عيناه الذكيتان والخائفتان، وهو يبحث عن أمه وأبيه عندما أخذوه عنوة من بينهما.
قامت إسرائيل باعتقاله قبل أيام ليضاف اسمه لأسماء المئات من الأطفال الذين يعانون تحت الاحتلال الاسرائيلي ومنهم حمزة محمد البدوي الذي لم يتجاوز عمره 12 سنة من بيت أمّر حيث اعتقل قبله بثلاثة أشهر مع خمسة أطفال من بيت أمّر والبلدة القديمة في الخليل بسبب رشقهم الحجارة على العدو .
وترى إسرائيل أن الحجر” سلاح فتّاك “ , ظل يخيفها منذ انتفاضة الاقصى “الانتفاضة الاولى” حيث لعب الأطفال دورا تاريخيا للتعبير عن أنفسهم كما الكبار . وتشير الإحصاءات الى أن عدد الذين استشهدوا في الانتفاضة الأولى بلغ أكثر من 5050 فلسطينيا, من بينهم 1000 طفل تحت سن 18 سنة.
التعدي على الطفولة الفلسطينية ممارسة يومية لإسرائيل وعقاب ضد الأطفال من توقيف وتحقيق الى محاكمة تماما كمحاكمة الكبار. ولعل الإحصائية التي توثق ذلك هي خير دليل على ضرب إسرائيل بالقوانين الدولية والإنسانية عرض الحائط . وتقول الأرقام إن هناك اليوم أكثر من 95 طفلا فلسطينيا تم اعتقالهم منذ بداية هذه السنة 2013.
ويؤكد تقرير لمنظمة اليونسكو للأمم المتحدة المتعلقة بالطفولة أن هناك نحو 700 طفل تتراوح أعمارهم بين 12 و 15 عاما يعتقلون سنويا بدعوى رشق الحجارة .
ويتعرض الأطفال لسوء المعاملة خلال سجنهم ومن ذلك سوء التغذية ومنع تلقي الزيارات من قبل الأهالي والحرمان من العلاج الطبيعي, إضافة الى اختطاف الأطفال من مدارسهم وبيوتهم لترويعهم . وكما هو معروف فإن تلك الممارسات ترتقي الى “ جرائم الحرب “.
لقد دخل الطفل وديع كرم مسودة تجربة إنسانية مخيفة وهو في هذه السن التي لن تمحى من ذاكرته قط . فبدل أن يلعب ويحلم بالحياة الحرة وهو يطلق طائرة ورقية في السماء تحرمه إسرائيل من هذا الحق ومن حياة طبيعية, وهذا بلا شك انتهاك واضح “ للإعلان العالمي لبقاء الطفل وحمايته ونمائه “ الذي أقره مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل “, الذي عقد في نيويورك العام 1990.
وتشير المواد الأربعة وخمسون التي جاءت لحماية الطفل ونمائه كوثيقة “لا قيمة” لها من قبل إسرائيل وهي تنتهك كل مادة من المواد التي اتفق عليها العالم . إسرائيل تعرف أن معاملاتها غير الانسانية للأطفال تزيدهم حماسا للانتقام وتزيدهم تمسكا بالحجر للدفاع عن النفس وأشجار الزيتون والثمار التي يعتاشون منها .
شاهد العالم أجمع على الفضائيات وحشية الاحتلال وهو يقود وديع ابن الخامسة الى الحجز ويروعه. حيث يمسك الجندي الجلاد كلبا متوحشا يحوم حول الطفل لترويعه , بدل أن يلعب الطفل مع الحيوان الذي يعتبره أليفا في حارته.
وديع مسودة أخاف إسرائيل والعالم يراقب الجلاد يقود الضحية حيث يلبس القميص البرتقالي الذي استمد لونه من الشمس اللاهبة. خاف أهل الطفل عليه الا أنهم كانوا فخورين بابنهم كفخرهم بجميع أطفال فلسطين. ناشد أهل الطفل في الأردن وعلى صفحات الجرائد المنظمات الدولية لحماية أطفال فلسطين من المعاناة والممارسات غير الإنسانية وختموا استنكارهم على وحشية إسرائيل بالقول: “ نفتخر ونعتز بابننا الحبيب وديع كرم مسودة الذي لفت أنظار العالم إلى معاناة الأطفال الفلسطينيين في الوطن المحتل”.
فهل قرأت إسرائيل ذلك، وهل يردعها عن الاستمرار بفضائح تعذيب وقتل الأطفال .؟!