الأرض الفلسطينية تتكون من التراب والحجارة وما تحتوي من مواد كيمائية منذ  الازل. تتكوّن الأراضي  من سهول وهضاب وجبال وأراض زراعية فيها التربة الخصبة ، حفظها الفلاح الفلسطيني بزراعة الاشجار التراثية المعروفة من شجر الزيتون واللوزيات لتظل متجذرة بالارض التي تطعمه كما تجذر هويته . وقام أهل فلسطين ببناء سلاسل حجرية  تسيّج حواكير قراها المتصلة بالقدس .

بنيت هذه السلاسل أو الحواجز الحجرية التي لها طابعا جماليا وعمليا  أقاموها بمهنية وحرفية خاصة رغم بساطتها . ظلت  هذه الشواهد المادية المكملة للمعمار القروي أو المجتمع الريفي شاهدا أصيلا بأنها إسلامية منذ التاريخ البعيد الذي يرجع لزمن  العثمانيين والمملوكيين ونهاية الامويين والكنعانيين الذين بنوا هذه القرى  العربية الاصيلة . فهي ما زالت شاهدة على ذلك كما العادات والتقاليد الحيّة تقول  “ نحن هنا “ .


  لم تتوقف إسرائيل في ابحاثها الجيولوجية والتراثية والتوراتية للبحث عما يؤكد أن فلسطين “ توراتية “.و رغم أن إسرائيل بما لديها من مؤسسات بحثية وعلمية  ما زالت تقوم بحفريات في القدس القديمة  منذ تأسيسها وصلت الى  باطن الأرض  علّها تجد عظمة مكسورة أو قرشا صدئا ً تعزز به أقوالها فقد فشلت ولم تنجح . في دراسة للمعهد الجيولوجي الإسرائيلي قام بها مؤخرا  ،  جاءت النتيجة  العلمية  أن هذه السلاسل السندية الحجرية والزراعية هي اسلامية تكاثرت بوضوح في العهد العثماني  وامتدت من المراحل الاسلامية التي سبقتها مثل المملوكية . إلا أن هذه النتيجة لم ترض الكثيرين من الاسرائيلين الذين يروجون أنها توراتية ويحاولون اضفاء الصفة العلمية والموضوعية على مزاعمهم .  نتائج المعهد الاسرائيلي جاءت ك “ الهزة الأرضية “ في نقاشات عالية الصوت في حلقة دراسية في القدس قبل بضعة أشهر . جاء هذا في جريد ة( هارتس العبرية ) في تقرير تحت عنوان “ أباؤهم وليس أباؤنا “ . بكل بساطة إسرائيل التي تدعي أنها تؤمن بالعلم والبحث العلمي  ماضية في تزوير التاريخ المادي وغير المادي وها هي اليوم تشكك في نتائج البحث العلمي الجاد الذي اشتركت به أكثر من جامعة ومؤسسة متخصصة  . فبعد أن سرقت الثوب الفلسطيني الفلاحي التراثي العريق وألبسته لمضيفات طيران العال ، والحمص “الخمص “ من طعامنا الشعبي يبحث  متعصبوها عن الجديد لتعزز خرافتها التلمودية  رافضين نتائج البحث العلمي و إن كان اسرائيليا .


  إحدى هذه القرى  القريبة الملاصقة لسور القدس هي قرية لفتا ، وخاصة قاع القرية “ الجذر “ الذي يتميز بحجارته الجميلة التي استعملت لبناء دورها التي تشابه القصور ، وخوابيها ،” وسناسلها “ الحجرية التي تفصل الاراضي الزراعية والسكنية بعضها عن بعض ، وكأنها تقسم الارض لغرف مفتوحة لبيت كبير لأهل لفتا الذين بنوها وسكنوا بها  كما حواكير بيت صفافا وبتير و عين كارم وبيت محسير وسلوان وبيت حنينا وشعفاط وغيرها . وفي كتابي الصادر مؤخرا ( لفتا يا أصيلة : خريفية قرية ) الذي يحيي قرية لفتا المدمرة ،تفاصيل هامة عن حجارة لفتا البيضاء والوردية وبيونها  ومعمارها وتراثها المادي والانساني ( فصل 4)  فالصورة تساوي الف كلمة كما تعلمنا . إنهم يرفضون الكلمة والتاريخ والتراث من أجل تزوير قرية لفتا إحدى القرى الشاهدة والانموذج للقرى الفلسطينية التي تسور السلاسل الحجرية حواكير اشجار الزيتون العصية على الزوال . اسرائيل اليوم بعد هذه النتيجة تواصل دعاياتها الرخيصة في العالم لتزوير تاريخ القرى . ولذلك  ندعو المهتمين -بالحفاظ على ما تبقى من دور قرية لفتا المقدسية – الى إضافة موضوع البحث حول “ السلاسل الحجرية “ المذكور الى ملف لفتا الذي لدى منظمة اليونسكو التي تعي عن نوايا إسرائيل لإزالة ما تبقى” من الدور القائمة والتي اصبحت خربا “ ليكون مرجعا ، خاصة أن إسرائيل هجرّت القرية ومستمرة بادعاءاتها الخرافية.

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment